مَدْحٌ ذاتي
|
شعر أبو العلاء المعري
|
+++
|
عَفافٌ وإقدامٌ وحَزمٌ ونائِلُ
|
ألا في سبيل المجدِ ما أنا فاعِلُ
|
يُصَدَّق واشٍ، أو يُخَيَّبُ سائِلُ؟
|
أعِندي، وقد مارستُ كلَّ خَفيَّةٍ
|
وأيسرُ هَجري أنني عَنكَ راحِلُ
|
أقلُّ صُدودي أنني لكَ مُبغِضٌ ؛
|
فأهونُ شيءٍ ما تقولُ العَواذِلُ
|
،إذا هبتِ النَّكباءُ بيني وبينكمْ
|
ولا ذنبَ لي إلا العُلي والفضائِلُ
|
،تُعَدُّ ذنوبي، عند قَومٍ، كثيرةٌ
|
رَجعتُ، وعندي للأنامِ طَوائلُ
|
،كأني، إذا طُلتُ الزمانَ وأهلَهُ
|
بإخفاءِ شمسٍ، ضوؤُها مُتكامِلُ؟
|
وقد سار ذِكري في البلادِ، فمَنْ لهُم
|
ويُثقِلُ رَضْوىَ دون ما أنا حاملُ
|
يَهُمُّ الليالي بَعضُ ما أنا مُضمرٌ ؛
|
لآتٍ بِما لمْ تَسْتَطِعْهُ الأوائلُ
|
،وإنِّي، وإن كُنتُ الأَخيرَ زمانُهُ
|
وأسري، ولو أن الظلامَ جَحافِلُ
|
،وأغْدو، ولو أنَّ الصباحَ صوارِمٌ
|
ونضوٍ يمانٍ أغفلتهُ الصياقِلُ
|
وأيُّ جوادٍ لم يُحَلَّ لجامُهُ
|
فما السيفُ إلا غِمْدُهُ والحَمائلُ
|
وإن كانَ في لِبسِ الفتى شَرفٌ لهُ
|
على أنَّني، بين السماكَيْنِ، نازِلُ
|
،ولي منطقٌ لم يَرضَ لي كُنْهَ منزلي
|
وَيَقصُرُ عن إدراكهِ المُتناولُ
|
لَديَّ مَوطِن، يشتاقُهُ كُلُّ سيِّدٍ
|
تَجاهَلتُ، حتى ظُنَّ أنِّي جاهِلُ
|
،ولمَّا رأيتُ الجَهلَ، في الناسِ فاشياً
|
ووا أسفاً ! كم يُظْهِرُ النقصَ فاضلُ
|
فَوا عَجَباً ! كم يَدَّعي الفضلَ ناقِصٌ
|
وقد نُصِبَتْ للفرقدينِ الحبائِلُ؟
|
وكيفَ تنامُ الطيرُ في وُكَناتِها ؛
|
وتحسدُ أسحاري عليَّ الأصائِلُ
|
يَنافسُ يومي في أمسي، تشرُّفاً ؛
|
فَلَستُ أُبالي مَنْ تَغُولُ الغَوائل
|
،وطالَ اِعترافي بالزمانِ وصرفِهِ
|
ولو ماتَ زَندي ما بَكَتْهُ الأنامِلُ
|
،فلو بانَ عَضْدي ما تأسفَ منكبي
|
وعَيَّرَ قُساً، بالفهاهةِ، باقِلُ
|
،إذا وصَفَ الطائي، بالبُخلِ، مادِرٌ
|
وقال الدُجى : يا صُبحُ لونُكَ حائلُ
|
،وقال السُّهى للشمس : أنتِ خفيَّةٌ
|
وفاخرتِ الشُهُبَ الحصى والجنادِلُ
|
وطاولتِ الأرضُ السماءَ، سفاهَةً
|
ويا نفسُ جِدِّي ! إن دَهرَكِ هازِلُ
|
،فيا موتُ زُرْ ! إن الحياةَ ذميمةٌ
|
على نفسِهِ والنجمُ في الغَرب مائلُ
|
،وقد أَغتدي، والليلُ يبكي، تأسفاً
|
لها التِبرُ جِسمٌ، واللُّجيَْنُ خلاخِلُ
|
،بريحٍ، أَعيَرت حافِراً من زَبَرجدٍ
|
تَخُبُّ بسَرْجي، مرَّةٌ، وتُناقِلُ
|
،كأنَّ الصِّبا ألقَتْ إليَّ عِنانَها
|
عن الماءِ، فاشتاقت إليها المناهلُ
|
إذا اِشتاقتِ الخيلُ المناهل أعرضَت
|
وآخرُ، من حَلْي الكواكبِ، عاطلُ
|
،وليلانِ : حالٍ بالكواكب جوزُهُ
|
بِوصلٍ، وضوءُ الفَجْر حِبٌ مُماطِلُ
|
كأنَّ دُجاه الهجرُ، والصبح مَوعِدٌ
|
وليسَ لَهُ، إلاَّ التَبلُّجَ، ساحِلُ
|
،قَطَعتُ بهِ بحراً، يَعُبُ عبابُهُ
|
حليفُ سُرىً، لم تصْحُ منهُ الشَمائلُ
|
ويُؤنسني، في قلبِ كُلِّ مخوفةٍ
|
وأُوثِق، حتى نهضُهُ متثاقِلُ
|
،مِنَ الزنج كهلٌ شابَ مفرِقُ رأسه
|
أخو سقطَةٍ، أو ظالعٌ مُتحاملُ
|
،كأن الثُريَّا، والصباحُ يُروعُها
|
وإن نَظَرتَ، شزراً إليكَ القَبائِلُ
|
،إذا أنتَ أُعطيتَ السعادةَ لم تُبَلْ
|
وهابتكَ، في أغمادِهِنَّ، المناصِلُ
|
،تَقتكَ، على أكتافِ أبطالِها، القَنا
|
نكَصْنَ، على أفْواقِهنَّ، المَعَابِلُ
|
وإن سَدَّدَ الأعداءُ نحوَكَ أسهُماً
|
وتلقى رداهُنَّ الذُرى والكواهلُ
|
،تَحَامى الرزايا كَلَّ خُفٍ ومَنْسِمٍ
|
وقد حُطمتْ في الدارعينَ العوامِلُ
|
،وترجِعُ أعقابُ الرِماحِ سَليمةٌ
|
فَعِندَ التَّناهي يَقْصُرُ المتطاولُ
|
فإن كُنتَ تَبغي العِزّ، فاِبغ تَوَسطاً
|
ويُدرِكُها النُقصانُ وهي كَوَامِلُ
|
،تُوقَّى البُدُورُ النَقْصَ وهي أِهِلَّةٌ
|
|
|
+++
|